إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
53840 مشاهدة
سؤال هرقل عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم

...............................................................................


ثم السؤال العاشر والأخير، سأله: ماذا يأمركم؟ بماذا يأمركم هذا النبي؟ وبماذا يدعو؟ فاعترف بهذه الأوامر، أنه أولًا يقول: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، صدقه هرقل وقال: هذه دعوة الرسل التي يَدْعُون إليها، يبدءون دعوتهم بالأمر بعبادة الله ، بقولهم: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ويأمرنا بالصلاة، والصدقة، والصلة... هذه أيضًا أوامر يدعو إليها كل عقل، فالصلاة -وإن كانوا لا يعرفونها- لكنها عبادة، وكذلك أيضًا الصدقة، التي هي: الزكاة، والترغيب في الصدقة التي هي من أفضل الْقُرُبات، والتي فيها المواساة، يأمرهم بها، كذلك الصلة التي هي صلة الأقارب، وصلة الأرحام، اعترف بأن هذه مما يدعو إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سأله هذه الأسئلة كأن هرقل عند ذلك صَدَّقَهُ، وقال: هذه صفات نَبِيٍّ، وإن كان ما ذكرته حقًّا فسيملك موضعَ قَدَمَيَّ، يعني: في إيليا في بيت المقدس وما حوله سيملك هذا المكان إذا كنت صادقًا.